الاثنين، 4 يونيو 2012

عيون تحدّت الواقع


عيون تحدّت الواقع ...
 عيون مغلقة بطبعها، لكنها حيوية بفعلها. عيون تشكل الحياة كلها، مع أنها لا تبصر الضوء. عيون فضلت الإجتهاد على مصاعب المعيشة، فكانت عيناه نوراً أضاءتا درب نجاحه. فإصابته بالعمى لم تمنعه من تحقيق أهدافه.

     هو علي شعيتاني الرجل الأربعيني من بلدة أنصار في جنوب لبنان. يسكن في مدينة النبطية، متزوج ولديه أربعة أولاد.وبالرغم من إصابته بالعمى إلا أنه تعلم للصف التاسع أساسي وقرر من بعدها تعلم المهن حباً منه لذلك. فتعلم عدة مهن منها  قهوة الإكسبرس، العمل بالخشب وبالخيزران.

    عمل علي بداية في صناعة الكراسي والصالونات من الخيزران والخشب. فهو يستطيع أن يدق المسمار كأي نجار يبصر أدوات عمله.
  إنتقل بعدها للعمل في مجال  قهوة الاكسبرس . حيث بدأ العمل بهذه المهنة في كوخه الصغير الذي يقع مقابل السراي الحكومي في مدينة النبطية عام 1998.
 
  يحمل هذا الكوخ بداخله أسرار عديدة.
 
فالسر الأول هو حكاية عمل علي بهذه المهنة.إذ يقول أن صديقه كان يعمل بمجال قهوة الاكسبرس حيث سأله يوم أصبح وضع الخيزران صعب في لبنان: " هل يستطيع علي شعيتاني الأعمى أن يعمل بمجال  قهوة الإكسبرس"؟  فيجبيه صديقه" لما تنوي يا علي بتقدر تشتغل كل شيء".فأخذ علي هذه العبارة وبعزمه وإرادته بدأ العمل بالاكسبرس وتعلم المهنة خطوة بخطوة حتى وصل الى ما هو عليه.

وأما السر الثاني الموجود داخل هذا الكوخ هو صدق علي في العمل. إذ يختار جودة مميزة للقهوة ما يجعلها أفضل من غيرها. والسر هنا أن علي لديه طرق متعددة لخلطة القهوة، فمنها بحسب مفرداته:" بكبسة، او كبسة ونصف، ومنها بكبستين." ولكل صنف طعم يختلف عن الأخر 
.
ويعتبر علي أن سر النجاح يكمن بصدق ما نقدمه للزبون، الذي سيعود ثانية أذا أعجب بنكهة القهوة.
كذلك هناك سر أخر إستوقفنا داخل الكوخ. حيث أن علياً هو من يقوم بتصليح آلة القهوة عندما تتعطل.وهو من يعمل على آلة الحساب دون معاون، بل هو من علّم ابن اخته على كيفية العمل بها 
.
    من ناحية أخرى بنى هذا الكوخ لعلي صداقات على مستوى محافظة النبطية  ما جعل لديه علاقة مودة مع الناس. فأهالي النبطية وجوارها كلهم يعرفون كوخ علي شعيتاني.

   وللشباب يوجه علي كلمة خاصة لهم إذ يعتبر أن هناك كثير من الشباب المستهترين بحياتهم لعدم وجود فرص عمل في البلد. لكنه يقول:" خذوا علي الأعمي مثلا لكم، فعندما توجد النية تستطيعون إيجاد العمل.دائما إنظروا لحياة أفضل..نعم هناك صعوبات لكنكم قادرين على تجاوزها."
  إذا لا يوجد شيء صعب في الحياة، ولا يوجد شيء اسمه "طريق مسكر بوجه الانسان". فعلي يشدد على عبارته " الله ما بسكرها من كل الجهات ."

وعليه عندما يكون لدينا إرادة نقاوم كل ما يعترضنا ونصل إلى أهدافنا.
ويستودعك علي والضحكة على وجهه، وكلمتا " merci  على زيارتكم" ،  و sorry”  طولت عليكم بالحكي"  لا تفارقا شفتاه.