الخميس، 29 مارس 2012

سوق الإثنين: تراث لتاريخ عريق

الزمان: نهار الإثنين من مطلع كل أسبوع.
المكان: شوارع مدينة النبطية، بدءاً من ساحة الحسينية  
         وصولا إلى ساحة الجامع.
الحدث: سوق الإثنين التجاري.  
.... خيمٌ وبسطات.. بائع ينادي من هنا... وأخر يُسمع صوته من هناك.. بضائع معروضة.. ومنتجات بلدية تفترش الأرض.
هو مشهد  تستيقظ  عليه شوارع مدينة النبطية مع بزوغ شمس نهار الإثنين من كل أسبوع، ويستمر حتى ما بعد صلاة الظهر بقليل.. لينام بعدها السوق في سبات عميق إلى الأسبوع المقبل.
سرّ التسمية:
جرت العادة في تسميته سوق الإثنين منذ كان يلتقي فيه أهالي الشام، أي  منذ أيام المماليك والعثمانيين. فسمي بذلك نظرا لأنهم كانوا يجتمعون يوم الإثنين للتجارة.
وتاريخ يشهد:
لسوق  الإثنين تاريخ ونضال  يعود إلى أكثر من 400 عام.أي إلى عهد السيطرة المملوكية على بلاد الشام عندما كانت النبطية تابعة لإيالة صفد.
إذ يعود تاريخه إلى ومن لم يكن فيه وجود لحواجز جمركية تفصل بلاد الشام عن بعضها.
فكانت القوافل التجارية تأتي من فلسطين شمالاً ومن مناطق دمشق، وحوران، والجولان وتمر عبر النبطية.
لماذا عبر النبطية؟؟
لأن مدينة النبطية  نقطة الوصل بين هذه المناطق والساحل اللبناني. 
ويعود سبب هذا العبور إلى وفرة المياه فيما يدل عليه إسم مدينة النبطية الذي يندرج من كلمة نبط المياه أي عيون المياه.
لكن بعد الإنتداب الفرنسي إنقسمت بلاد الشام وأُغلقت الحدود وتقلص دور السوق، فإختصر رواده على اللبنانيين الجنوبيين.
.. ومرت الأعوام وما زال سوق الإثنين قائمٌ ، ولكن لكل زمن حُلّة جديدة..
أهمية عريقة:
يحمل سوق الإثنين في طياته أهمية عريقة على مرّ التاريخ، وفي محاور عدة من إقتصادية وثقافية إلى تراثية وإجتماعية على حد سواء.
فمن الناحية الإقتصادية يساهم السوق بتعزيز الحركة التجارية من خلال تصريف بضاعة التجار.
أما من الناحية الثقافية فيعتبر سوق الإثنين ملتقى لثقافات بيئية متنوعة مم يعزز التواصل والإحتكاك الإجتماعي وتبادل الأفكار.إذ يجمع ما يفوق عن 30 بلدة جنوبية لكل منها ثقافتها الخاصة فيتجسد بذلك الأهمية الإجتماعية.
و الناحية التراثية تتجلى بمواكبته لعدة حضارات منذ عهد المماليك إلى أيامنا هذه.
وضعت بلدية النبطية تنظيما خاصا للسوق. وهو عملية تلزيم تقوم على جباية بدل إشتراك من التجار المشاركين فيه. وبقي هذا النظام ساري المفعول حتى تاريخ 22\ 12\ 1998.
وأما حالياً، فمع إزدياد عدد البسطات ووصولها إلى ما يفوق 350 بسطة إتخدت البلدية قراراً جديدا يقضي بتنظيم السوق من خلال توزيع البسطات.
أي حددت بدل إشتراك البسطة الواحدة 5000 ليرة لبنانية.
حركة تجارية مستمرة:
منذ القدم وسوق الإثنين يشهد حركة تجارية كثيفة.
فقد إشتهرت فيه قديما تجارة الماشية والألبسة والمزروعات.
لكن سوق الماشية قد إندثر بعد العام 1996 وحلّت مكانه مواقف السيارات.
وكان يشتهر أيضاً بسوق النحاسيين، بينما يقتصر اليوم على بسطة أو إثنين لبيع النحاسيات.

واليوم يقتصر السوق على الأدوات المنزلية والألبسة والأحذية، بالإضافة إلى المكسرات وسوق الخضار الذي تعلوه اصوات الباعة دائما.

عدا عن زيتون حاصبيا، وعسل زوطر، وكشك بعلبك، وصعتر يحمر، ومنتجات زراعية متنوعة.






وبسطات تتكلم:

ولا بد للمار في سوق الإثنين حالياً أن يلفته شيءٌ من نوع أخر..
بسطات تتكلم بما لا ينضب فوائده..
تتكلم بالشعر والنثر..
هي بسطات كتب  على أنواعها لهواة المطالعة.
كتب قلّ نظيرها ..ومن الصعب  وجودها في المكتبات..
لا بل كتب تعود بك عهود إلى تاريخ الأدب العريق.
أراء خاصة:
في وصف للدكتور "شاكر الخوري" عن حال السوق عام 1860 قال: "إن السوق من أعظم الأعمال التجارية في بلادنا، يجتمع إليه الناس كل نهار إثنين من كل الجهات، ويجتمع فيه خمسة إلى ستة الآف نسمة من شارٍ وبائع، ومن العجائب أنه ينعقد فيه نحو خمسين ألف عقد بيع وشراء. وأغرب من ذلك أنهم من كل الأجناس من نصارى، ومتاوله، ودروز ويهود وإسلام، وقد مضى عليه مئات السنين ولم يزل كما هو."
ويبقى الختام...
... منذ عهد المماليك إلى العام 2011  ومدينة النبطية  تشهد سوق الإثنين التجاري كل أسبوع ، لكن الذي يختلف بين هذه الأعوام هو هيئة السوق من زمن لأخر.
ويبقى " سوق الإثنين " تراث جنوبي تتحدث عنه أجيال وأجيال، عبر ماضٍ عريق وحاضر يعيش فينا.

 
 نظام السوق:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق