الأربعاء، 13 فبراير 2013

...هي


أهميَّة المرأةِ في الحياة عامةً،  وفي حياة الشعراء على وجه الخصوص:

     هي كلمةٌ عذبةٌ، وأروع نغمة .. هي شعلةُ الإحساسِ ونبعُ الدِّفْءِ والحنان..
     هي همسٌ في الطفولةِ .. وعِشْقٌ في الصِّبا..
     هي نورٌ يسكنُ الفؤادَ .. وشعاعٌ يولِّدُ في الوجدان..
     هي  رمزُ العطاءِ والتَّضحية..
     هي  وردةٌ وُجِدَ الرَّبيعُ لأجلِها, وملكةٌ كانتِ الطَّبيعةُ عرشاً لها..
     هي  أنشودةُ الحياةِ.. إنَّها المرأةُ..

     تُعتبرُ المرأةُ ركناً مُهمَّاً منْ أركانِ المجتمعِ، ولها دورٌ فعَّالٌ في بنائِهِ، لا بلْ هي المدرسةُ الأولى الَّتي تساهمُ في بناءِ المجتمعِ الصَّالحِ. كما للمرأةِ أهميَّةٌ خاصَّةٌ في حياةِ الشُّعراءِ.
     المرأةُ هي نصفُ المجتمعِ وهي الَّتي تُربِّي النِّصفَ الآخرَ، وهي الأمُّ والأخْتُ والزوجة والإبنة مصدرُ الحنان والعاطفهِ فى الحياةِ.

     كرَّم اللهُ تعالى الأمَّ وأوصى بها إحساناً، كذلك جعلَ اللهُ المرأة سَكَنَاً للزوج من خلالِ المودَّةِ والرَّحمةِ بينهما.
     لقدْ جاء في  القرآن الكريم ما يدلُّ على أهمية ِالمرأة سواءٌ أكانت أمَّاً أم زوجة أو حتى أختاً وبنتاً، وما لها من حقوق وما عليها من واجبات. فإذا صلُحتِ المرأةُ صَلُحَ المجتمعُ كلُّهُ وكانت بمائة رجلٍ.
     وتكمنُ الأهميَّةُ فيما يُلْقَى على المرأةِ من أعباءٍ وما تتحمَّلُ من مشاقٍّ تفوقُ في بعضِها أعباءَ الرجل؛ لذلك كان منّْ أهمِّ الواجباتِ شكرُ الوالدةِ وبِرُّهَا، قال تعالى: ((وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ)).

      وتزدادُ تلكَ الأهميَّة في مكانةِ الزَّوجةِ وتأثيرِها على هدوءِ النُّفوسِ وهذا ما وَرَدَ في  الآية الكريمة:
 (( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً)).
     وممَّا لا شكَّ فيه أنَّ البيتَ الَّذي تسودُهُ المودَّةُ والمحبَّةُ والرَّأفةُ والتَّربيةُ الإسلاميَّةُ سيؤثِّرُ على الرَّجلِ فيكون مُوفَّقاً في أمرِهِ، ناجحاً في أيِّ عملٍ يسعى إليه. وأيضا عندما تكون الأمُّ راضيةً عنْ أولادِها حتماً سينعمونَ بتوفيقٍ  في حياتِهم.

     تعتبر المرأة جوهرةً ثمينةً لهذه الحياةِ لا يعرفُ قيمتَها كلُّ الرِّجالِ خاصة الرجال الَّذين يتعصَّبون لما يسمي بجدلية " الرجل أفضل من المرأة". هؤلاءِ الرِّجالُ لمْ يُحسِنوا قراءةَ أنوثةَ المرأةِ، ولا التفكُّرَ في شموخِها، ولا رَسْمَ كبريائها مع أنَّها عاصمةُ الخيالِ الجميلِ في ميدانِ روعةِ الحياةِ.

     برعتِ المرأةُ في منهج الحياة، لتكونَ مكانتُها قويةً لامعةً في كلِّ مرحلةٍ من مراحلِ عمرِها. وبالرغمِ من أنَّ سلاحَها هو الضَّعفُ إلاَّ أنَّها  أدهشتْ علماءَ النفسِ، وأساتذةَ علمِ الإنسان، لأنَّها تحاربُهُمْ بضعفِها هذا، لترحِّبَ الحياةُ بانتصاراتِها على ميادينِ الأرضِ الواسعةِ، فهيَ مدرسةُ الأجيالِ، وعلمٌ من أعلامِ الحياةِ يرفرفُ على هامةِ الدهر، وقَدْ صدَقَ الشَّاعرُ حين قال:
              الأمُّ مدرسةٌ إذا أعدَدْتَهَا          أعدَدْتَ شِعباً طيِّبَ الأعراقِ

      من ناحية ثانية يتجلَّى حضورُ المرأةِ في حياةِ الشعراءِ، فتبنى حروفُ قصائِدِهمْ وتُنسجُ أبياتُها من عبيرِ المرأةِ، وأول مَنْ يخطرُ على البالِ عندما نقولُ المرأةَ والشِّعرَ هو الشَّاعرُ نزار قباني.
     إنَّ قَلَمَ نزار قباني يخطُّ حُروفاً تتغنَّى بالمرأةِ، والكلمةُ في شعرِهِ كالسَّهْمِ المخترِقِ لروحِكَ قبلَ جسدِكَ.
      هذا ولمْ تستطعْ قصائدُ أيِّ شاعرٍ أنْ تصِفَ المرأةَ بكلِّ ما تحمِلُهُ كلمةُ المرأةِ مِنْ أنوثةٍ وغرورٍ وكبرياءٍ وهوى ومَكْرٍ وخداعٍ وكيدٍ، كما هي قصائدُ الشَّاعرِ نزار قباني الَّذي جَعَلَ مِنْ معادلةِ المرأةِ المُعقَّدةِ معادلةً بسيطةً جدَّاً.
ومن أروع ما قال نزار قباني:
بلقيس...
أيتها الصَّديقة..والرفيقة..
والرقيقة مثل زهرة أقحوان...
ضاقت بنا بيروت...ضاق بنا البحر...
ضاق بنا المكان...
بلقيس: ما انت التي تتكررين..
فما لبلقيس اثنتان.."

     رحَلَ نزار قباني وظلَّتِ المرأةُ خالدةً بشعرِهِ تعشقُ كما تريدُ، وتبكي كما تريدُ، وتَكرَهُ كما تريدُ، وتنتظرُ شاعراً يفهمُها حتى يستحقَّ أنْ يكونَ نزار الجديد .

     كذلك يتجلَّى حضورُ المرأةِ الحبيبةِ في شعرِ الشَّاعرِ أبي القاسم الشَّابِّي في واحدةٍ مِنْ أجملِ قصائدِهِ وهي " صلواتٌ في هيكل الحبِّ" الَّتي ابتعدَ فيها عن الوصفَ الحسيِّ للمحبوبةِ، أطلقَ أسرَ محبوبتِهِ من المحدودِ إلى الَّلامحدودِ، فهو يجدُها في أناشيدِ الطيورِ وابتسامةِ الفجرِ ووقتِ السَّحَرِ.

     والمرأةُ في شِعْرِ كاملِ الشِّناوي وجعٌ ونكرانٌ لقلبٍ أخْلَصَ للحبِّ، فتنكَّرُ الحبُّ لَهُ وأدارَ ظهْرَهُ لكلِّ هذا التفاني فكانت قصيدتا " لا تكذبي "" ولست قلبي " محملتينِ باللَّوعةِ والمرارةِ والخيبةِ.

     وفي الختام، نرى أنَّ للمرأةِ نوراً ينيرُ دربَ الحياةِ ولمعةً تٌضفي سِحْراً على قصائدِ الشُّعراءِ.
     المرأةُ إنسانٌ لطيفٌ، لها طموحٌ يحطِّمُ الوجودَ، ولها روحٌ تأسِرُ كلَّ موجودٍ، تلكَ هي رائعةُ الوجودِ في هذه الحياةِ،المرأةُ أجملُ من الجمالِ نفسِهِ، إنَّها شموخٌ وكبرياءٌ، وعنفوانٌ ثمينٌ لا يُقدَّرُ ...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق